خلف ستار تطبيقات النقل: قيادة بلا رخصة و اعتداء وحشي

تسير سيارة فان بيضاء على الرصيف بجانب مبنى سكني في ستوكهولم. يقفز منها شابان يرتديان ملابس رياضية بسرعة، فهما جاهزين لاستلام طاولة وبعض الكراسي التي نريد نقلها باستخدام تطبيق تِبْتَاب.
ينظر الشابان بتركيز في هواتفهما بينما يسرعان نحو المبنى. محاطين بالأثاث. نراهم يقتربون.

يقول رجل في منتصف العمر، جاء من أوزبكستان:
– أنا أعمل 16 ساعة أو 18 ساعة كل يوم. وكلما زاد العمل ازداد المال وأنا أرسل المال إلى عائلتي.
إذن، هم السائقون المحترفون في عالم الظل الذين يجعلون المؤثرين (انفلونسرز) راضين عن عمليات النقل السريعة والسلسة. لكن في سيارات الفان الثقيلة المحملة، يقودها أشخاص يعملون بشكل غير قانوني ولا يملكون رخص قيادة أو تصاريح مرورية.

يقول تيد سنوليجا من هيئة النقل السويدية:
– يكمنُ الخطر في حدوث حوادث مرور خطيرة. أولاً لأن السائقين قد لا يستطيعون التعامل مع المركبة بطريقة آمنة، وثانيا لأن تأمين الحمولة قد يكون ضعيفا جدا. في هذه الحالة، هناك خطر من سقوط أشياء كبيرة قد تصيب إما المارة أو سيارة قادمة.
هذا و تم تأسيس تطبيق تِبْتَاب في عام 2016 وأصبح ناجحا بشكل كبير. و يحصل سكان المدن المزدحمة مثل ستوكهولم، غوتنبرغ، ومالمو على مساعدة رخيصة لنقل القمامة والأثاث. و بعد بعض الضغطات البسيطة في التطبيق، يكون شخص ما قريبا من الباب، جاهزا لنقل الأشياء.
وقد تم إجراء 1.3 مليون عملية استلام عبر هذه الخدمة السهلة في عام 2023، ويتدفق المال إلى شركة تِبْتَاب. فقد زادت إيراداتها في خمس سنوات فقط من 6.5 مليون إلى 23.5 مليون كرون. و يتفاخر المشاهير والمؤثرين بالأثاث والقمامة التي تخلصوا منها عبر تِبْتَاب عبر الانستغرام.
رجل الأعمال المؤثر، مثل بيير سيري، المدير السابق لبلوكيت، وآشلي هيبنتال، المدير السابق لشركة لوندين للبترول، من استثمرا في هذا تطبيق.
وفقا لتِبْتَاب، فإن المفهوم هو تبادل متبادل للنقل بين الأفراد العاديين.
ويُسوق لتِبْتَاب كالاتي: ” يوجدُ في منطقتك مساحة إضافية لسياراتهم ووقت للمساعدة في نقل أغراضك”.في اشارة الى شروط تقديم هذه الخدمات و يسمون هؤلاء الأشخاص في فيديو الشرح الخاص بتِبْتَاب لينوس، لينا وآنا.
إذن، هل الشابان اللذان جاءوا لاستلام طاولاتنا وكراسيك هما جيران عاديون يمرون من هنا؟ نسأل إذا كان بإمكاننا الركوب في السيارة الفان البيضاء.
في المقصورة الأمامية، عندما سنحت لنا الفرصة للتحدث معهما، تبين أن الرجلين لا يتطابقان على الإطلاق مع صورة تِبْتَاب عن المساعد. فقد هاجرا من أوزبكستان وعملا مع تِبْتَاب لفترة طويلة. قالا إنهما مضطران للعمل لفترات طويلة، حتى عندما يكونان مريضين، من أجل الحصول على ما يكفي من المال. حيثُ حملا البيانو في بناية لا تمتلك مصعداً و بدون معدات. كما أن الرجل الذي يقود السيارة ليس لديه رخصة قيادة صالحة.
– لقد قدمت أوراقي إلى مصلحة الهجرة ولكن ليس لدي تصريح إقامة دائم. آمل أن أتمكن من الحصول على رخصة قيادة سويدية.

عندما أجرينا مزيدا من التحقيقات وواصلنا القيام بالطلبات والركوب مع السائقين، اكتشفنا أنّ الرجل ليس وحده في القيادة بدون رخصة قانونية عبر تِبْتَاب.
وجدنا بسرعة ثلاث قضايا قانونية أخرى حيث قاد أشخاص تِبْتَاب بدون رخصة قيادة صالحة وتوقفوا من قبل الشرطة. عرض اثنان من السائقين رخص قيادة من بلادهم الأصلية، التي تصبح صالحة بعد عام في السويد.
قمنا بمراجعة 85 سائقا تقدموا لنقل أثاثنا وموادنا المهملة، ووجدنا أن 38 منهم لا يحملون رخصة قيادة سويدية أو رخصة قيادة صالحة من بلدانهم الأصلية. كما أن سبعة من السائقين قد تم إدانتهم في السويد بقيادة سيارة بدون رخصة.
من الصحيح أن ستة منهم هاجروا عبر دولة أخرى من دول الاتحاد الأوروبي وقد يكون لديهم رخصة قيادة من هناك. يُذكرُ أن 32 سائقا آخرين بدون رخصة قد يكونون قد سافروا إلى دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي قبل هجرتهم إلى السويد وحصلوا على رخصة قيادة هناك ثم عادوا إلى بلادهم الأصلية قبل أن يهاجروا إلى السويد.
يقول تيد سنوليجا، المحقق في قسم رخص القيادة في هيئة النقل السويدية:
– أمرٌ لا يُصدّق.
و مهما كان الأمر، فهناك ظرف آخر يجعل نشاطهم غير قانوني: جميع الـ 85 ”مساعدا” يقودون أيضا سيارات بدون رخصة مهنية لازمة لنقل الأشياء بشكل قانوني.
رد تيد سنوليجا بقوة على أرقام ”هم & هايرا”:
– هذا أمر مقلق للغاية، إنه مشكلة كبيرة. إنه يشكل خطرا كبيرا على سلامة المرور. يجب أن نسأل أنفسنا عن نوعية الرقابة التي تقوم بها تِبْتَاب على سائقيها.
و لا يظهر الأمر صحيحا عندما يتعلق الأمر برخص القيادة. فأحد موظفي ”هيم & هبرا” الذي لا يحمل رخصة قيادة، ينشئ حسابا كمساعد في تطبيق تِبْتَاب. بعد فترة قصيرة، يتمكن الموظف من أخذ طلبات للقيادة. يجب نقل جهاز رياضي، كرسي ومكتب، ويحتاج الموظف إلى سيارة فان أو مقطورة لنقل الأشياء. يقوم الموظف بالتسجيل كمتطوع ويتم تعيينه. فقط عندما يحين وقت الذهاب إلى المكان، نقوم بإلغاء الطلب عبر التطبيق.
من المرجح أن كثيرا من عملاء تِبْتَاب سيتفاجئون إذا عرفوا من هو الشخص الذي يدخل إلى منزلهم لنقل سريرهم القديم إلى مكب النفايات. فـ 22 شخصا في قائمتنا من ”المساعدين” قد تم التحقيق معهم أو أدينوا بجرائم مختلفة مثل الاعتداء، جرائم المخدرات، غسل الأموال وقيادة السيارة بدون رخصة.
الاعتداء هو الأكثر شيوعا
قام رجل في الثلاثينات من عمره بأكثر من 100 عملية نقل عبر تِبْتَاب ويظهر وهو مبتسم تحت الشمس في وسط ستوكهولم في صورة حسابه.الا ان لديه ماضٍ مظلم. فقد ضرب رجلاً آخر بقوة على رأسه ووجهه حتى تحطمت عظام الفك وعظمين في الأنف، وتمت إدانته بالاعتداء.
20 سائقا في قائمتنا لديهم ديون أو مطالبات مالية تصل إلى أكثر من 8 مليون كرون.
لكن التحقيق في السائقين الذين يعملون مع تِبْتَاب لا يتوقف هنا. الوجوه السعيدة التي تظهر في التطبيق وترغب في قبول طلباتنا لا تتوافق مع الواقع. 22 شخصا في قائمتنا من ”المساعدين” لديهم صورة مزيفة على تِبْتَاب. النساء يتحولن إلى رجال، وأشخاص في الستينات من عمرهم هم في الواقع في العشرينات. خمسة أشخاص لا يملكون تصاريح عمل أو إقامة. و آخرون مفقودون أو هاجروا.
إذن هؤلاء السائقون يعملون مع تِبْتَاب بهويات مزيفة، أو أنهم في السويد دون معرفة السلطات ويعملون بشكل غير قانوني لصالح تِبْتَاب.
سر نجاح تِبْتَاب يكمن في السرعة التي يمكن بها الحصول على المساعدة. الطاهية الشهيرة تيا مالميغورد التي يتابعها 45,000 شخص على إنستغرام، كتبت: ”ماما، لماذا ليس لدينا أريكة بعد الآن؟ لأنني وضعتها على تِبْتَاب لأنني أردت التخلص منها الآن! (يا له من تطبيق رائع بالفعل).”
لقد قمنا بمراجعة 85 من ما يسمى بـ ”مساعدي تِبْتَاب”. لكن من هم هؤلاء السائقون الذين يجعلون الحصول على المساعدة سريعا ومريحا؟
في سبع طلبات قمنا بها في منطقة ستوكهولم، يظهر لنا في كل مرة حوالي 50 شخصا مستعدين لنقل أغراضنا،بعد 30 ثانية فقط.
و بعد فترة، بدأنا في التعرف على وجوههم. نفس السائقين يعرضون خدماتهم مرة بعد مرة، بغض النظر عن الوقت والمكان الذي نحتاج فيه للمساعدة. إنهم ليسوا جيرانا طيبين لديهم مساحة إضافية في سيارتهم. بل هي مجموعة صغيرة من السائقين المحترفين.
الغالبية العظمى من الـ 85 سائقا الذين قمنا بالتعرف عليهم قد قاموا بأكثر من 100 عملية نقل لصالح تِبْتَاب. وهم قادمون من دول فقيرة ومناطق تعاني من الحروب مثل أوزبكستان، منغوليا وسوريا.
و عندما ركبنا مع خمسة سائقين وتحدثنا مع السائقين ومساعديهم، أصبح النمط أكثر وضوحا. لا أحد من ”المساعدين” الذين تحدثنا معهم يعيش في المنطقة أو ”يمر من هناك”. جميعهم يعملون عبر التطبيق، وكثير منهم يعملون أياما طويلة للغاية. العديد منهم أخبرونا أنهم يعملون لسنوات في قيادة تطبيق تِبْتَاب.