هل يُسمح بطرد العوائل مع أطفالها؟ الخبيرة القانونية تشرح لنا لماذا تحدث حالات طرد الأسر التي لديها أطفال
وضعت الحكومة السابقة رؤية صفرية لمنع طرد العائلات التي لديها أطفال عام 2008. كما تبنّت مدينة ستوكهولم ومدن أخرى الهدف نفسه. لكن على الرغم من الأهداف والمبادئ التوجيهية، لا تزال العديد من العائلات التي لديها أطفال تُطرد من منازلها كل عام. وقد لجأت صحيفة ”هيم اوك هيرا” إلى بيا شيلبوم، الباحثة في جامعة لينشوبينغ، لفهم الحالات هذه.
كم عدد الأطفال الذين تم طردهم في السويد؟
بدأت مصلحة الجباية التنفيذية (Kronofogden) تسجيل إحصائيات حول طرد الأطفال في عام 2008، وفي ذلك العام تم طرد 716 طفلًا. وخلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، انخفضت حالات طرد الأطفال، حيث تم طرد 387 طفلًا في عام 2016، لكن الأرقام ارتفعت مرة أخرى بعد ذلك. ففي عام الجائحة 2020، تم طرد 449 طفلًا في السويد.
و يبلغ متوسط ديون الإيجار في حالات الطرد التي تشمل أطفالًا حوالي 25,000 كرون سويدي، وفقا لبيانات مصلحة الجباية التنفيذية. حيثُ أنَّ معظم الأطفال المطرودين ينتمون إلى أسر يقيمون في الشقق بشكل دائم.
ويعتبر طرد الأطفال في السويد مقارنة بالعديد من الدول الأخرى سهل، ويعود ذلك إلى اختلافات في التشريعات. وتقول بيا شيلبوم، الباحثة التي درست حالات طرد الأطفال.
– في بعض الدول، لا يُسمح بطرد العائلات التي لديها أطفال ما لم يكن لديهم سكن بديل.
الأطفال الضحايا
تشير الأبحاث إلى أنّ الأطفال الذين يتم طردهم يشعرون بالعجز والنسيان من قبل الآخرين. وبالتالي يؤثر ذلك على ثقتهم بعالم الكبار، ويولد غضبا تجاه المجتمع، ويؤثر على حياتهم لفترة طويلة. كما أظهرت الدراسات أنّ طرد الأطفال يؤثر على نتائجهم الدراسية ايضا. و يشعر العديد من الأطفال بمسؤولية كبيرة تجاه والديهم وقلق بشأن عدم حصولهم على الدعم الكافي من المجتمع.
فالأطفال لا يرتبطون فقط بالأشخاص أثناء نموهم، بل يرتبطون بالأماكن أيضا. و يمكن وصف اقتلاعهم من بيئتهم كإيذاء يلحقه المجتمع بالطفل، تقول بيا شيلبوم.
وتضيف أن الأطفال غالبا ما يتم تجاهلهم في التقييمات المتعلقة بهم، على الرغم من أن مصالحهم الفضلى يجب أن تُقيّم بشكل مستقل. فللأطفال الحقّ في أن يُعاملوا كأفراد مستقلين لهم احتياجاتهم الخاصة. و لا يمكن تحميلهم مسؤولية ديون الإيجار الخاصة بوالديهم على سبيل المثال.
– في بعض الدول، لا يتم طرد العائلات التي لديها أطفال ما لم يكن لديهم مكان آخر للسكن، تقول بيا شيلبوم، الباحثة في جامعة لينشوبينغ.
تعيش العائلات التي لديها أطفال أثناء عمليات الإخلاء القسري في مواقع تخييم، أو نزلاء، أو مع أقارب، أو أصدقاء، أو في شقق مؤقتة أو أنواع أخرى من المساكن المؤقتة، ولفترات طويلة احيانا في بعض الأحيان.
– وفقا لتعريف مجلس الرعاية الاجتماعية، يُعتبرون بلا مأوى ولا يتمتعون بمستوى المعيشة اللائق الذي يحق لجميع الأطفال في السويد الحصول عليه بموجب قانون الخدمات الاجتماعية، تقول بيا شيلبوم.
كما أنّ التهديد بالطرد من جهته يسبب ضغطاً نفسياً هائلًا لدى البالغين. حيثُ تبيّن الأبحاث السويدية من عام 2015 أنّ خطر الانتحار بين البالغين المهددين بالطرد أعلى بأربع مرات مقارنة ببقية السكان. وتشير بيا شيلبوم إلى حالات تعرفها شخصيا حيث أقدم أحد الوالدين على الانتحار قبل تنفيذ عملية الطرد.
– التهديد بالطرد هو تهديد خطير. وقد يشعر الناس بأن حياتهم مهددة في بعض الحالات.
لا يُسمح للأطفال بالتعبير عن آرائهم
لا تتحمل دائرة الخدمات الاجتماعية (Socialtjänsten) أي التزام بحضور عمليات طرد الأطفال من منازلهم، كما أنها لا تستطيع التدخل في طريقة تنفيذ عملية الطرد. ووفقاً للباحثة بيا شيلبوم، فإن مسؤولية ضمان احترام حقوق الأطفال أثناء عملية الطرد تقع على عاتق مصلحة الجباية التنفيذية (Kronofogden) والشرطة ايضا.
كما تضيف بيا شيلبوم أنّ مصلحة الجباية التنفيذية لا تُبلغ العائلات بإمكانية الطعن على قرار الإخلاء بالاستناد إلى اتفاقية حقوق الطفل أو الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، حتى في الحالات التي يكون فيها للعائلات ديون إيجار.
في المقابل، تؤكد مصلحة الجباية التنفيذية أنها تُعلم العائلات بإمكانية الطعن على الإخلاء. لكنها لا تحدد الأسباب التي يمكن الاستناد إليها للطعن، مشيرة إلى ضرورة التزام الحياد بين الأطراف.
و تشير بيا شيلبوم إلى أنّ الهيئات الحكومية، مثل مصلحة الجباية التنفيذية، تفتقر إلى آليات تتيح للأطفال فرصة التعبير عن آرائهم أو أخذ مصالحهم بعين الاعتبار عند خطر الإخلاء القسري.
– اتفاقية حقوق الطفل تنطبق على مصلحة الجباية التنفيذية أيضا.
أما مصلحة الجباية التنفيذية فهي تقدم وجهة نظر مختلفة. يقول المحامي ينس هاغرين إنّ حق الأطفال في التعبير عن آرائهم هو مبدأ أساسي وفقا لاتفاقية حقوق الطفل، وأنّ المصلحة تعمل بشكل منهجي لضمان حصول الأطفال المتأثرين على المعلومات حول عمليات الإخلاء القادمة.
– في إرشاداتها المتعلقة بالأطفال، يتم التأكيد على أهمية الاستماع إلى الطفل لتقييم ما يصب في مصالحهم الفضلى. وعند حدوث عملية إخلاء تؤثر على الأطفال، نقوم دائما بتقييم كيفية تعديل الإجراءات لتتماشى مع مصلحة الطفل.
لكن عندما تصل الأمور إلى حد طرد العائلة، لا تمتلك مصلحة التنفيذ أي خيار سوى تنفيذ الإخلاء، كما يوضح.
ويشير إلى أن مصلحة الجباية التنفيذية لديها إرشادات تلزم بحضور الخدمات الاجتماعية أثناء عمليات طرد الأطفال، وأن عمليات الإخلاء يتم التخطيط لها بالتنسيق مع الخدمات الاجتماعية.
منذ يناير 2020، أصبحت اتفاقية حقوق الطفل قانونا سويديا. وتنص إحدى المبادئ الأساسية في الاتفاقية على أن مصالح الطفل الفضلى يجب أن تؤخذ في عين الاعتبار في جميع القرارات التي تؤثر على الأطفال. وهذا ما يؤكده أيضا قانون الخدمات الاجتماعية(Socialtjänstlagen). كما يجب إجراء تحليلات لآثار القرارات على الأطفال عندما يكون للقرار عواقب واضحة على حياتهم.
وحسب الباحثة بيا شيلبوم، ينبغي أن يكون لدى الخدمات الاجتماعية التزام بموجب التشريع الجديد بمنع طرد الأطفال من منازلهم.
وتُعتبر الخدمات الاجتماعية مسؤولة في المقام الأول عند حدوث حالات طرد.
- إذا تأخرت عائلة بدفع الإيجار لمدة أسبوع واحد، يحق للمالك إنهاء عقد الإيجار دون الحاجة إلى مراجعة أي جهة رسمية.
- في حالة الإنهاء بسبب ديون الإيجار، يجب إبلاغ المستأجرين بأنهم يمكنهم تسوية الوضع من خلال دفع الدين خلال ثلاثة أسابيع من الإنهاء. كما يتوجب على المالك إبلاغ المستأجر والخدمات الاجتماعية (Socialtjänsten). و إذا لم يتم ذلك، يعتبر الإنهاء غير قانوني.
- إذا احتاجت الخدمات الاجتماعية وقتا لحل وضع السكن للعائلة، يمكن لمصلحة الجباية التنفيذية (Kronofogden) منح تأجيل لمدة تصل إلى أربعة أسابيع كحد أقصى، ولكن لا يمكن تمديد المدة أكثر من ذلك.
توضح إحدى التقارير حول العمل الوقائي ضد الطرد في مدينة ستوكهولم أن عمليات الطرد مكلفة للغاية، سواء بالنسبة للأفراد الذين يتم طردهم أو للمجتمع ككل، كما أنها تسبب معاناة كبيرة. وعند إجراء مقارنة تكاليف الطرد التي يتحملها المالك، مصلحة الجباية التنفيذية (Kronofogden)، والخدمات الاجتماعية (Socialtjänsten)، يتضح أنه غالبا ما يكون من الأفضل للمجتمع أن تقدم الخدمات الاجتماعية مساعدات مالية لتغطية ديون الإيجار، مما يتيح للعائلة فرصة البقاء في منزلها.
كما يشير التقرير إلى أنه عند اتخاذ قرارات بشأن حلول السكن للعائلات التي لديها أطفال، يجب على الخدمات الاجتماعية مراعاة حق الأطفال في البقاء في مدارسهم الحالية.