العنف يستولي على منزلها – كيف نجحت في أن تصبح حرة
كان الفيسبوك سببَ تعنيفها الاول، عندما تمَّ ضربها بشدة قرب العين اليمنى. ضربها حبيبها بجوالها بعد اكتشافه أنها لم تحذف جهات الاتصال من حسابها على الفيسبوك. وقد وعدتهُ بحلها بيأس شديد عندما جلست على الأريكة في المنزل. لكن قبل أنْ تلحق في التفكير في كيفية القيام بذلك، قام بأخذ الجهاز من يدها وحدثت اللكمة.
عندما كانت تصرخُ منادية الشرطة، كانت تأمل في أن يسمع أحد الجيران في المبنى السكني الذي يتميز بصوت عال. وهي متأكدة في اللحظة هذه من أنهم سمعوا صوتها ولكن لم يُحرك احدٌ ساكناً. بدلاً من ذلك اضطرها حبيبها من حذف التطبيق.
-أزلت كل شيء، توقفت عن استخدام انستغرام و فيسبوك. كل شيء.
وقد تعكس قصة الشابة التي نسميها كلارا قصة شخص آخر. هذا وقد تمَّ الإبلاغ عن حوالي 32،000 جريمة في العلاقات العائلية ضد البالغين في السويد في العام الماضي فقط.
ولكن فقط 4 في المائة من الأشخاص الذين يتعرضون للعنف يتوجهون إلى الشرطة. وفقاً للمؤسسة الوطنية للبحوث الجنائية، وهذا يعني أن حوالي 790،000 شخص في السويد تعرضوا للعنف في العام الماضي دون ظهور العدد في الإحصاءات.
– الأرقام الظلامية مخيفة. لا أعرف إذا كان يمكن أن يصبحَ الأمر أسوأ بالفعل، لكن لدينا العنف في علاقات الشباب أيضا. وهم يُبلّغون مرات قليلة.
هذا ما تقوله إيريكا جيلينسفارد، مديرة تطوير الأعمال للجرائم في العلاقات العائلية القريبة في إدارة العمليات الوطنية في الشرطة، Noa. أنه بعد ما يقرب من 30 عاما كشرطية، شاهدت هذا النوع من العنف من مصادر مختلفة.
-لأنه شائع للغاية.
الخروج من علاقة عنيفة غالبا ما يكون صعباً للغاية.
أما الجزء الأخطر هو ترك النساء للعلاقات العنيفة بالتأكيد. إنه الوقت الذي يخاطرن فيها بحياتهن. ولكن يمكن أنْ يكون تركهن لها محرجا للغاية أيضا. فقد عشنَ فترة العنف الطويلة هذه، ولا يثقن بأنفسهن في أي شيء.
لمدة ثمانية أعوام، عاشت كلارا (غرب السويد) مع هذا السؤال الذي كان يطاردها على مدار الوقت: لماذا لاتتركهُ ببساطة؟ وفي إحدى المرات كان الأمر قريباً جداً من الحدوث، عندما طلبت والدتها من شريكها في العيش، تسليمَ مفاتيح الشقة، ونجحت في الحصول عليها. لكنها عادت له واستعادها مرة أخرى.
وفي المقابل، تحاول كلارا حماية طفلها من النزاعات كلّ أسبوعين. فالمدرسة تقوم بتقديم تقرير بشأن القلق المتزايد. كما تُقدّم الخدمات الاجتماعية مكان إقامة محمية، ولكن الابنة لا يمكن أن تأتي معها. الا أنَّ كلارا رفضت العرض. عندما يتفاقم الوضع في المنزل، تقوم الخدمات الاجتماعية بتقييم المخاطر في حالات الطوارئ قبل نهاية الأسبوع، لقياس احتمالية وقوع أعمال عنف قريبة. وقد حصلت كلارا على أعلى عدد من النقاط في التقييم.
أما الجيران الذين يشعرون بالقلق قاموا بإنشاء دردشة جماعية سرية مع بعضهم البعض، ويكونون على استعداد للتدخل إذا دعت الضرورة.
– هاتفنا يعمل على مدار الساعة، يقول أحدهم لكلارا.
في قاع الفوضى المريض، يبدأ القرار أخيراً بالتكوّن. والدعم الحاسم يأتي من العائلة .
– أخبرني أشقائي إنه عليّ التحدث عن المشكلة. و يكفى ما حدث الآن. لكن الامرَ سيأخذ وقتاً، ونحن هنا لدعمكِ. هذا الأمر لا يتم حلّهُ في يوم ولا في أسبوع. ولن نطلق عليكِ الأحكام أبدا.
يبدو أنَّ المخرج يكمن في وسائل التواصل الاجتماعي. تبدأ كلارا بحذر شديد في إعادة بناء شبكتها الاجتماعية. وكل مرة تقوم بحذف تطبيق Messenger بعد ذلك.
ويتضح أنَّ لديها صديق قديم يملكُ شقة فارغة في نفس المدينة التي تعيش فيها كلارا. وبإمكانها الحصول على المفاتيح لو أرادت.الا انَّ قرار الحصول على الشقة يستغرق أشهراً عديدة. و شريكها لا يفهم شيئًا عندما تُفجر المفاجأة في ربيع عام 2021.
– لقد وجدت مكاناً للعيش وسأنتقل الآن!
خلال الأشهر التي قضتها في شقة إيجار، بنت كلارا روتينها الخاص. فقد وثقت اتصالها بمأوى للنساء، وقررت شراء زوج احذية احمر بكعب عالٍ ووعدت نفسها بعدم التخلي عنها أبدا.
– بدأ الأمر في انطلاق عملية لم أستطع بدأها عندما كنت أعيش معه في المنزل. لقد وجدت طريقي للعودة إلى الشخصية التي أنا عليها.
عند حلول أغسطس كان عليها أن تغادر شقتها المستأجرة وتعود للعيش في المنزل. الأحذية ذات الكعب العالي الحمراء معها، ومستوى التوتر مرتفع للغاية. وهي تدرك أنها الآن في مرحلة خطيرة. في الوقت نفسه، يبدو أن عزيمتها تجعله يتقلص.
تنتقل كلارا إلى غرفة الضيوف وتفكر في كيفية إخراجه من الشقة. و توزيع الممتلكات عبر المحكمة هو خيار محتمل. ولكن العملية مكلفة وتأخذ أشهراً عديدة، ولا تجرؤ على إثارة غضبه بذلك.
نحن نحتفظ باتصال دوري ومتحفظ في الفترة هذه، عبر حسابات إنستغرام مجهولة لناحية كل منا وبطاقات هاتفية نقدية لا يمكن تعقبها.
في نهاية فصل الشتاء 2022، حدث شيء ما: يجد شريكها شقة خاصة به بعقد أول مع مالك خاص، وبإمكنه الانتقال إليها بسرعة. و هنا تفقدُ كلارا صوابها.
– لم أصدق ذلك.
في يوم ربيعي ينتقل شريكها إلى شقته الجديدة. يبدو أنها قصة رائعة جداً لتكون واقعية، الا أنه على ارض الواقع، يجب أن تنتهي القصة هنا. لكن الأمر ليس بالسهولة هذه. فالزوج السابق لكلارا يتصل بها كثيراً، طالباً المساعدة، في استلام البريد والأشياء المتروكة في مخزن السطح. ويظهر جوابنه الجيدة.
-إنه يفعل بالضبط هذا لكسبي الى جانبه. ولكن الآن أعلم أنه يمكنني إغلاق بابي.
تمر الأشهر وتساعده كلارا في جهاز الكمبيوتر ونصائح الغسيل والبطاريات التي يجب عليه شراؤها. في الوقت نفسه، تلاحظ أنه يتتبع مكان تحركها في المدينة ومن تلتقي به. ما يجعلها تشعر بالاضطراب.
و في الصيف يحدث تراجع. يلتقي بشخص آخر. ينهار عالم كلارا. وهي لا تفهم لماذا – لقد تمنت هذا لسنوات. وبمبادرة منها تنهي الاتصالات خلال الصيف. تضع موعدا نهائيا: ليس قبل سبتمبر. الا انه بآخر أسبوع في أغسطس يتصل بها، يريد أن يخبرها أنه ترك علاقته الصيفية، لأنها هي التي يحبها.
– وأعتقد أني رفضت العودة إلى الوراء مائة مرة. ولكنه استمرّ واستمرّ في الإلحاح. والآن اجتمعت معهُ كثيرا بالفعل. ولكنني أعلم أن هذا لن يعمل أبداً. سأتعرّض للخطر.
هل ستبدأ كل شيء من جديد الآن؟ لا، فقد أصبحت عودتها له أقصر في المرة هذه. عندما يتحول الخريف إلى الشتاء، تبدأ كلارا من جديد. وقبل فترة قصيرة جدا سنراها مرة اخرى.
لم يكن لدينا أي اتصال لمدة شهرين الآن ولهذا أشعر بالراحة الآن. لدي شبكة اجتماعية مختلفة تماما الآن. لذلك أعتقد أنني سأتمكن من تجاوز المرحلة هذه.
ماذا ستقول لشخص يجد نفسه في المكان الذي كنتِ فيه قبل عامين؟
– سأقول إنها أمر شاق للغاية. يشبه الخروج من السجن. لقد تمّ السيطرة عليك وتم تقهرك والدوس عليك. من الصعب أن تبدأ بالعيش بحرية. ولكن الأمور تتحسن.
Läs artikeln på svenska här och här.